الجمعة، 21 ديسمبر 2012


"التشوش" الاقتصادي!!


الوطن- علي نزار الآغا:


لطالما كان التشوش السمة الأبرز لأداء الفرق الاقتصادية عبر الحكومات السورية المتعاقبة خلال السنوات القليلة الماضية.
وأقصد بالتشوش (Chaos) أن القضايا الاقتصادية «المعقدة» قد تكون أبسط بكثير مما تبدو عليه في قراءات وتصريحات وقرارات «اقتصاديي» الحكومة، ومن يدور في فلكهم من «متخصصين».
وتنكشف ظاهرة التشوش بوضوح بمجرد متابعة ما يصدر عن الفرق الاقتصادية من قرارات، تكاد تكون عدم الفعالية، السمة البارزة لمعظمها، هذا إن لم يتحول بعض تلك القرارات إلى عامل معقد للأمور الاقتصادية التي تقتضي المعالجة، بل تتسبب أحياناً في إشكاليات جديدة تضاف إلى الإشكالية الأصل، وتشربك الخيوط بطريقة قد تطلب سنوات لحلحلتها.
هذا التشوش الاقتصادي، ينتقل، بالضرورة، إلى المواطنين، ولكن بصورة مضاعفة، لكون الأمر لم يعد مرتبط بظاهرة تخص الحكومة وأدواتها، بل أصبح نمطاً يسود الحياة الاقتصادية، وكالمشجب، تعلق عليه جميع القرارات والسياسات والإستراتيجيات الخاطئة، دون إدراك دقيق بأن التشوش مرتبط باقتصاديي الحكومة أكثر من ارتباطه بالواقع الاقتصادي.
أما مصادر التشوش، فجلها ينحصر في حقيقة النقص والقصور، الكمي والنوعي، في المعلومات التي تبنى على أساسها القرارات الاقتصادية، وبصورة خاصة السياسة النقدية، لكون المصرف المركزي هو اللاعب الرئيسي في الاقتصاد، وقراراته تؤثر في سلوك النظام الاقتصادي.
في ظل غياب لإدارات للمعرفة الاقتصادية، وفرق تقصي للبيانات الاقتصادية، تعجز أعتى إستراتيجيات التحليل والتقييم وصناعة القرار عن إنجاز قرارات فعالة.
وحتى لو قررنا البدء من الصفر والتوجه إلى السوق لإعداد الدراسات، فسوف نكون أمام حالة إعادة إنتاج للتشوش الاقتصادي، لا تزيد سوى الإحساس بالعجز الاقتصادي.
لذا قبل البدء بفورمات هارد الاقتصاد، يجب تغيير آليات التعاطي مع الوقائع الاقتصادية، فمثلاً تحدث بعض الاشتراكيين التقليديين عن زيادة المركزية في القرار الاقتصادي، غير آبهين بسياسات اقتصاد السوق، وراحوا يستخدمون أدواتهم وعقلياتهم المركزية في إدارة مؤسسات السوق، ما خلق انطباعاً بحالة من الاشتراكو- مالية تضيف مستوى جديد للتشوش الاقتصادي. ولا يقتصر الأمر على هذه المستويات، فأحياناً نشعر أننا أمام موظفين إداريين أكثر من خبراء اقتصاديين.!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق