الاثنين، 11 فبراير 2013


من أسرار تماسك الليرة في تعاملات السوق السوداء


الوطن- علي نزار الآغا


يواصل الدولار الأميركي اتجاهه الأفقي أمام الليرة السورية في تعاملات السوق السوداء للأسبوع الثالث على التوالي حيث يتماسك سعر الشراء عند 93 ليرة والمبيع عند 94 ليرة.
ويتساءل البعض عن أسباب هذا الاستقرار رغم جملة من الأخبار الاقتصادية الساخنة خلال الأيام الماضية، والتي كان ينتظر أن يؤثر بعضها سلباً على قيمة الليرة أمام العملات الرئيسية ولاسيما الدولار الأميركي، إلا أن سوق الصرف تبدي مقاومة كبيرة تجاه تلك الأخبار، وخاصة المتعلقة باحتمال انخفاض احتياطي القطع الأجنبي من 18 مليار دولار قبل الأزمة إلى ملياري دولار، على اعتبار أن بنية الاحتياطيات النقدية وما يطرأ عليها من تغيرات هيكلية تؤثر مباشرة على سعر الصرف.
ولتبيان الأمور نبدأ بتحليل مبدئي للمشهد العام في أسواق الصرف، حيث تعتمد تعاملات السوق السوداء منذ فترة على رهانات المضاربين بصورة رئيسية، في ظل تراجع الطلب التحوطي (شراء الدولار للحفاظ على القدر الشرائية) وتراجع مستوى الطلب لأغراض التجارة الخارجية، وخاصة في نهاية العام الماضي وبداية العام الجديد.
ورهانات المضاربين اليوم تنتظر تغيرات عميقة وسريعة في اتجاه الدولار أمام الليرة السورية بناءً على تغيرات عميقة وسريعة في العوامل الأساسية المحيطة بالسوق، لكشف الاتجاه المستقبلي إذا كان صاعداً أو هابطاً، وتحديد مواقف المضاربين في مراكز البيع أو الشراء وفق الاتجاه الجديد للدولار/ ليرة.
ببساطة، إذا بدأ سعر الدولار بالارتفاع سوف يتجه المضاربون إلى فتح مراكز شراء جديدة، أي سوف يندفعون باتجاه الشراء، وتأجيل البيع، والعكس صحيح، فإذا هبط الدولار، فسوف يعمد المضاربون إلى إغلاق مراكز الشراء القديمة، ثم سوف يبيعون الدولار لوقف الخسارة.
هذه العملية يحكمها الترقب والانتظار، حيث نلاحظ تضارباً للمشاعر في السوق، وهذا ما يعزز حالة الترقب ويدعم الاستقرار النسبي لأسعار الصرف أمام الليرة، وبالتالي استمرار للمسار الأفقي، وللتوضيح أكثر، تعجز بعض المشاعر السلبية التي تدخل السوق عبر بعض الأخبار المتعلقة بالعوامل الأساسية (مثل خبر احتمال انخفاض الاحتياطي النقدي إلى ملياري دولار) على مقاومة المشاعر الايجابية التي تدخل السوق بقوة من خلال خبر التسهيل الائتماني والوديعة الإيرانية والتي تصل 5 مليارات دولار، إلى جانب قوة الخبر، حيث أن المشاعر السلبية مازالت مرتبطة بتقديرات اقتصادية غير رسمية تحتمل النفي.
والاتجاه الآخر للتحليل يركز على ترقب المضاربين في رهاناتهم على اتجاه تدخل السلطات النقدية (مصرف سورية المركزي) في سوق القطع.
وفي اتجاه آخر يتفق محللون على استبعاد أي تحركات قوية في أسعار الصرف أمام الليرة، في الاتجاهين، وذلك يعود لتغير مكونات الطلب على القطع، والذي يرتكز على رهانات المضاربين، مع تراجع الطلب التحوطي والتجاري، وهذا ما انعكس مباشرةً على حركة التعاملات اليومية من حيث القيم، والتي يصفها مراقبون ومتعاملون بأنها في أدنى المستويات. كل ذلك يشكل نقاط قوة أمام السلطات النقدية لإنجاح أي سياسات جدية لضبط السوق من الانفلات، وذلك في السياق المستهدف اقتصادياً ويدعم حالة الاستقرار في سوق الصرف.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق